وقد نقد منهج الأشاعرة نقداً شديداً وبين ما فيه من تناقض وخلل واضطراب وهذا حق، لكن لم ينقده لأنه مؤيد لمنهج الكتاب والسنة كما فهم الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه عَلَى الشرح، وملخص رأي ابن رشد الذي يخالف فيه رأي الأشاعرة كما ظنه الأرنؤوط أن الأشاعرة يرون أن كلام الفلاسفة باطل أو كثير منه باطل، وأنه يجب أن يردوا عليه، وابن رشد يرى غير ذلك.
فهو يرى أن الفلسفة التي يسميها الحكمة والشريعة لا يتعارضان، يعني: أن ما جَاءَ به الوحي، إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عند الله لا معارضة ولا منافاة ولا تناقض بينه وبين ما قرره أرسطو من العقليات في الإلهيات، وليس الكلام في الطبعيات، ولا في الرياضيات؛ بل الكلام في الإلهيات، فيقول ابن رشد: إن الحكمة للشريعة رضيعة، فكلاهما أختان من الرضاع، وكلاهما يدعون إِلَى أمر واحد، ويتفقان في منهج واحد، ومن هنا اشتغل بالدفاع عن الفلسفة وأنها لا تتعارض مع الشريعة.
ولذلك ألَّف كتاباً اسمه" فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال " ذكر فيه أن الشريعة والحكمة -أي الفلسفة وهي ليست بحكمة بل هي ضلال- متصلتان تؤديان نفس الغرض ونفس المنهج، وهذا الكلام أكثر ضلالاً ممن يقول إنه يرد عَلَى الفلاسفة من غير منهج الكتاب والسنة.